دعونا نعترف أن بعض الأفكار إنما تنتشر بقوة الفراغ، لا بقوة محتواها.. فبما أن المساحة أمامها خالية من أى منافس أو ربما فى وجود منافس ضعيف، بل قل «معدوم»، فهى تنتشر لفراغ الساحة أو لضعف المنافس لا لقوتها.. أكرر «لا لقوتها».
والدول تُبنى من خلال عالم الأفكار، كما يقول مالك بن نبى..
وقوة الدول من قوة الأفكار التى تحملها.. لا بكثرة الأفكار التى تحملها، وأعظم ما فى خطبة الوداع النبوية هو «وضوح الفكرة وقوتها وقابليتها للتنفيذ».
وقد ذكرنا عدة أفكار فيما سبق ونختم اليوم بأكثر من فكرة طُرحت بقوة فى خطبة الوداع:
1- تحطيم الطبقية أو التمييز بسبب العرق أو اللون
يقول (صلى الله عليه وسلم): «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى».
قضية التمييز العنصرى أخطر الأفكار خطورة عبر تاريخ البشرية، وكم من دول بُنيت، وكم هُدمت على قُرب أو بُعد من هذه الفكرة، وهذا النص من الخطبة يُلغَى أى تمييز بسبب عرق أو لون، ويؤسس معياراً وحيداً فى تفاوت الناس وهو «التقوى الشرعية».
علاقتك بربك.. هذا هو معيار تميزك..
2- حراسة أعظم أبواب المجتمع ومدخله الأكبر
قال (صلى الله عليه وسلم): «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً».. «اتَّقُوا اللَّهَ فِى النِّسَاءِ».
لم تخلُ أى خطة تغريبية إفسادية من الدخول من هذا الباب، فهو الباب المشترك بين جميع خطط الغزو الفكرى للمجتمعات.
المرأة.. كما يقول الدكتور محمد إسماعيل المقدم: «المرأة هى نصف المجتمع، وتلد لنا النصف الآخر، لذا فهى المجتمع كله».
أعظم بوابات الحصن.. إذا سقطت، سقط الحصن كله.. وإذا بقيت، بقىَ الحصن كله.
فالله الله.. فى حقوق النساء..
فحقوق النساء عندنا دين.. لا مجرد استجابة لضغوط بعض المؤسسات الحقوقية كما يفعل البعض..
خطبة الوداع توضح خارطة الطريق، أفكار خالدة تبنى بها الأمم وتصحح بها المسارات فى مخاطبة الجماهير وقيادة الرأى العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق