وصف محمد الصاوي، المتحدث الجديد باسم الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، المشهد السياسي الراهن في مصر بأنه "محاولة لافتعال أزمة".
وفي مقابلة خاصة مع مراسل وكالة الأناضول للأنباء، قال الصاوي إن ما يحدث الآن ونشاهده على شاشات التلفاز من شحناء وبغضاء يدور في مساحة كيلو متر مربع، بينما السواد الأعظم من المصريين لديه قدر كبير من المودة والمحبة، في إشارة إلى الاشتباكات الجارية منذ أيام بمحيط ميدان التحرير بين قوات الأمن ومتظاهرين.
وأبدى المتحدث باسم الجمعية التأسيسية دهشته من الاعتراضات الموجهة لعمل الجمعية، وقال: "هي أكثر شرعية حتى من الرئيس المنتخب، لأن الرئيس انتخب مرة واحدة، بينما الجمعية جاءت بإعلان دستوري استفتي عليه الناس، ثم اختير أعضاؤها من نواب انتخبهم الشعب".
وأوضح المتحدث باسم الجمعية أن هناك عزما من جانب أعضاء الجمعية على الانتهاء من صياغة الدستور خلال أسبوعين، ليطرح للاستفتاء قبل نهاية العام الجاري، حتى تستكمل الدولة بناء مؤسساتها، لتقليص مدة انفراد الرئيس بالسلطة التشريعية.
وفيما يلي نص الحوار:
*تعاني مصر حاليا أزمة انقسام واضحة، البعض يحمل الجمعية التأسيسية - التي تنتمي لها - المسئولية الأكبر عن خلق هذا الانقسام، فما هو ردك على ذلك؟
** يبتسم قبل أن يقول: الجمعية التأسيسية لم ترتكب فعلا فاضحا ولا عملا مشينا ولا استعدت أحدا، بل على العكس منذ أن بدأت أعمالها وهي تتلقى الطعنات، وكانت تتعرض للانتقادات، قبل أن يرى الناس منتجا لها، ويتم تسويق هذه الاعتراضات دائما بوجود خلل أو مشكلة في تشكيلها.. وأرى أن هذا الاتهام مخجل، لأنها هي أكبر كيان شرعي في البلاد، حتى بالمقارنة برئيس الجمهورية نفسه المنتخب انتخابا حرا ونزيها، لأن الرئيس انتخب مره واحدة، بينما انتخاب هذه الجمعية مر بخطوتين كلاهما استفتي فيه المواطن، الأولى إعلان دستوري استفتي عليه المواطنون وحدد طريقة تشكيلها من أعضاء مجلسي الشعب والشورى(غرفتي البرلمان)، والثانية عندما اجتمع مجلسي الشعب والشورى وفق ما جاء بالإعلان الدستوري وانتخبوا أعضائها.
ورغم ذلك لم تسلم الجمعية وصدر حكم قضائي ظالم بحل تشكيلها الأول، وأنا أقول ذلك، رغم أني لم أكن عضوا بها، ثم جرى انتخاب الجمعية مره أخرى، وظللنا نعمل في ظروف قاسية للغاية ، منتظرين قرار حلها في أي يوم، ومع ذلك أخذنا نعمل وفق مبدأ اننا سنعمل حتى لو كنا نعرف أن غدا هو آخر يوم لنا، حتى يجد من يأتي بعدنا منتجا يبني عليه.
*ولماذا هذا الترصد ضد الجمعية؟
**لا أرى منطقا إلا هدف واحد فقط، وهو أن هناك من يستكثر النجاح على التجربة التي بها مسحة إسلامية، فهذه الجمعية المطلوب أن تفشل، حتى يتم تصدير انطباع مفاده أن الإسلاميين فشلوا في كتابة الدستور، فيفقد المواطن ثقته بهم، ويفقدوا أرضية مع أول انتخابات برلمانية مقبلة.
ليس لدي مانع من الانتقاد، ولكن ما لا يمكن قبوله هو محاولة البعض أن يفرض على المجتمع كل هذا التشتت لمجرد الرغبة في تحقيق أهدافه.
*ما أعرفه أنك تنتمي للتيار الليبرالي، فلماذا تمسكت بعضوية الجمعية، التي انسحب منها أغلب التيار الليبرالي؟
** من الجيد أنك أثرت هذه النقطة، أنا فعلا أحسب نفسي على التيار المدني(الليبرالي) الذي يؤمن بالحرية، وكتبت مقالا في صحيفة خاصة بعنوان "من حقك أن تختار دينك"، وأؤمن أن الله أعطى للإنسان الحرية حتى في مسألة الإيمان والكفر، وهذا ما جاء به القرآن : "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
ولكن ليس معنى إنتمائي للتيار المدني (الليبرالي) أن أشارك من يريدون افتعال أزمة.. فما يحدث هو محاولة لذلك، لكنهم لن ينجحوا، فما نشاهده على شاشات التليفزيون من أحداث تكشف عن كم من الكراهية والبغضاء، هي في الحقيقة تقع بمساحة كيلو متر مربع على الأكثر، لكن التيار المصري الرئيسي من مسلمين ومسيحيين لديه قدر كبير من المودة والمحبة.
*أفهم من كلامك أنك تقبل بالإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري الاسبوع الماضي؟
**أقبله باستثناء المادة المتعلقة بالتحصين المستقبلي لقرارات الرئيس، لكن هذه المادة ستصدر الرئاسة لاحقا مذكرة شارحة لها، لأنها فهمت خطئا، فحسب ما قال لي محمد محسوب وزير المجالس النيابية، وهو شخص أثق به، فإن هذه المادة المقصود بها تحصين قرارات الرئيس السابقة والحالية، ولا تمتد للمستقبل كما يتخوف البعض.
وفكرة تحصين القرارات الماضية والحالية مقبولة، لأن التآمر وصل لمرحلة كبيرة استغل فيها النائب العام والمحكمة الدستورية، وهي مؤسسات من المفترض أن تنحاز للشعب، لكنها اختارت الانحياز لجهات أخرى.
*هل وصلت معلومات للرئيس تؤكد أن هناك نية لحل تأسيسية الدستور؟
** تجربة حل مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) تؤكد ذلك، وما كان يصلنا من تسريبات عجل باتخاذ هذا القرار، حيث وصلنا أنه مع أول اجتماع للمحكمة الدستورية في 2 ديسمبر المقبل ستحل الجمعية، وكذلك مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان).. بمعني أنه حتى الكيان الوحيد المنتخب الباقي كانوا يريدون حله، وبالطبع هذا كله لتنتقل مسئوليته أيضا للرئيس وتكون كل المهام ملقاه على عاتقه، فيحدث اضطراب في إدارتها، ويبدأ الانتقاد الشديد حينها، فكان لابد من تحصين الكيانين للتعجيل بإصدار الدستور، من أجل استكمال بناء مؤسسات الدولة.
وأتوقع أن تصدر الرئاسة قريبا مذكرة شارحة فيما يتعلق بتحصين قرارات الرئيس، لأن من يعترض على هذه النقطة تحديدا لديه الحق.
*وما ردكم على من يقول أن الباقين حتى الآن في التأسيسية "مرتشون سياسيا" ؟
** سأستخدم هنا مصطلح أحب استخدامه وهو أن المائة شخص في الجمعية، هم أسوء مائة في مصر، ولكن سيكون أمامك منتج أخرجه المائة، فقل لا إذا لم يعجبك من خلال الاستفتاء.
*وهل ستحزن إن جاءت نتيجة الاستفتاء بالرفض؟
** النتيجتان تسعدانني، فأنا كتبت مقالا دعوت فيه الله أن تكون النتيجة "لا"، إذا كان في هذا الخيار مصلحة الوطن.
*ومتى سيوضع المصريون أمام هذا الخيار؟
** لدينا عزم على عدم الاستفادة بمهلة الشهرين التي منحها الإعلان الدستوري، وخلال أسبوعين ان شاء الله سنكون انتهينا من كتابة الدستور، ليكون جاهزا للعرض لاستفتاء الشعب عليه قبل نهاية العام الجاري.
*وهل أنت مطمئن من تجاوز المشهد الحالي؟
** ان شاء الله، سنتجاوزه، وما يتردد عن إضراب القضاة غير صحيح، فأنا أعلم من مصادر مطمئن لها أن الدعوة للإضراب لا تخرج عن مجموعة نادي القضاة ذات الصوت المرتفع، أما أغلب القضاة فلا يمكن أن يتخلوا عن واجب إقامة العدل .. قد يكون هناك خلاف، ولكن عندما تصدر المذكرة الشارحة سيزول بإذن الله، وأتوقع حدوث ذلك خلال 48 ساعة على الأكثر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق