19‏/11‏/2012

محمد عبد المنعم الصاوي يكتب ... الدستور فيه سم قاتل!!

أكمل المقال

رسالة تتلقونها عبر وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، وتتناقلونها أحياناً دون التأكد من صحتها! من البداية أؤكد أننى ممن يتحملون مسئولية هذا المشروع كواحد من مائة عضو
 تتكون منهم الجمعية التأسيسية لكتابة دستور جديد، وهى الجمعية التى تعرضت لأعلى معدلات الهجوم وأقصى درجات الإساءة والعدوان منذ تشكيلها، وقبل أن يصدر عنها سطر واحد فى مادة واحدة.

أمر أسجله حتى أبرهن على أن هناك نسبة لا يستهان بها من خصوم هذه الجمعية يعادونها بغير موضوعية! ولكن هذا لا يقلل من حقيقة وجود نسبة كبيرة من أبناء مصر الشرفاء -الذين لا ينتمون إلى أى تصنيف من تلك التصنيفات الصناعية- لا يتعاطفون مع الجمعية لارتيابهم الوراثى، ولهم فى ذلك كل العذر!

منذ متى كان هناك من يفضل مصلحة الوطن على مصالحه الشخصية؟ ومنذ متى كان هناك من يحرص على حقوق الآخرين قبل حقوقه، ويقر العدالة والمساواة قولاً وفعلاً، وليس قولاً فحسب؟

نحن -ولا أستثنى نفسى- معقدون.. مليئون بالشك.. نميل إلى التخوين وإساءة الظن، والنتيجة هى ما وصلنا إليه؛ استثمر الكثيرون هذه المشاعر العامة، وشرعوا فى إطلاق الشائعات بشأن نصوص الدستور.. شائعات عدة عشناها، وكلها ليس لها أى أساس، ولا صلة لها بالحقيقة!

يدعون أن الجمعية قررت تزويج بنات التاسعة، مع أن هذا الرقم لم يرد أبداً فى الدستور، اللهم إلا فى ترقيم المواد!! يتحدثون عن صناعة الفرعون وصلاحيات الرئيس التى تفوق صلاحياته فى دستور 71، والحقيقة أن الصلاحيات الجديدة تُحمّل الرئيس مسئولياته، وتؤسس لمحاسبته عن كل ما يقع أو يتخذ من قرارات.. «اوعى المرأة»؛ سيعيدونها إلى عصر الكهوف! وهو تجنٍّ وظلم بيِّنٌ، فى وجود المادة التى تنص صراحة على أن المواطنين أمام القانون سواء، إلا لو كانوا ممن لم يراجعوا دروس اللغة العربية التى تؤكد أن لفظ «مواطن» يسرى على المرأة بنفس القدر الذى يسرى به على الرجل!

كلهم يستغلون من زهقوا وأرهقتهم المناقشات المليئة بالصراعات والاتهامات ليؤكدوا لهم أن «الدستور فيه سم قاتل!».

أقول: إن هذا -والحمد لله- ليس صحيحاً، وأؤكد بدورى أن الدستور الذى يخرج تحت قصف الألسنة والأقلام الحادة لن يصل إلى أعلى معدلات التوافق التى كنا نحلم بها، ولكنه لن يتضمن مادة واحدة يكون أثرها سلبياً على المجتمع، وقد كان هذا القرار غير المعلن الذى اتفقنا عليه، وهو استبعاد أى مادة يعتبرها المشرع للقوانين عبئاً عليه، وقيداً يحرم المجتمع من تحقيق طموحاته التشريعية التى يحتاجها فى انطلاقته لتحقيق التقدم المنشود فى كافة المجالات.

لا تخشوا الدستور سماعياً أو «من بعيد لبعيد»! أرجوكم أن تقرأوه كاملاً قبل الحكم عليه، وهى مسألة لا تحتاج لأيام عدة كما يروج لذلك محاربوه مستغلين عدد البنود التى اقتربت من ربع الألف! لن يقولوا لك: إن صفحاته لا تتجاوز الخمسين، وإنها لا تصل إلى ربع منهج أى مادة مقررة على المرحلة الإعدادية.

بقى أمامنا أسبوعان تقريباً لننتهى من الصياغة النهائية، وهى ليست بالفترة القصيرة لإعادة تنقيته من أى شوائب أو عيوب.

قريباً تتأكدون أن «الدستور ليس فيه سم قاتل».


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق