18‏/11‏/2012

العدو فى الداخل يا دكتور مرسى - وائل قنديل

أكمل المقال

صفقنا لأداء رئيس الجمهورية فى الملفات الخارجية، موقفه من الثورة السورية ووقفته مع الفلسطينيين فى غزة، فمتى يقدم مرسى أداء جديرا بالتصفيق فى الداخل؟

إن دماء شهدائنا فى غزة وفى أسيوط واحدة، لذا يجب أن يكون رد الفعل الرسمى متساويا هنا وهناك، وكما وقفنا فى مواجهة غطرسة العدو الخارجى، لابد من وقفة مماثلة فى مواجهة عربدة العدو الداخلى، المتمثل فى الإهمال وغياب الكفاءة وانعدام الإحساس بالمسئولية.

من حق المصريين أن يقارنوا بين التحرك الرسمى السريع بإرسال رئيس الوزراء إلى غزة، وبين الأداء الأقل سرعة فى مذبحة أطفال أسيوط.. من حقهم أن يقارنوا بين محمد مرسى 2005، والرئيس مرسى فى 2012، فقبل سبع سنوات عندما كان الدكتور مرسى نائبا برلمانيا ووقعت مأساة قطار الصعيد طالب بمحاسبة سياسية وجنائية لوزير النقل ورئيس الوزراء فى ذلك الوقت، بينما فى 2012 جرت التضحية بوزير النقل بقبول استقالته، دون أن يتطرق أحد إلى مسئولية رئيس الحكومة سياسيا.

وللتذكرة فإن وزير النقل رشاد المتينى أعلن بعد مأساة قطار الفيوم الأسبوع الماضى فى مداخلة هاتفية مع الإعلامية رانيا بدوى على قناة التحرير أنه يعمل بلا مساعدين ويحمل المسئولية وحده، وعليه وباعترافه فإن المسئولية السياسية والجنائية عن حادث أسيوط المروع أمس تبقى معلقة فى رقبته، لذا فإن الاستقالة ــ أو حتى الإقالة ــ لا تكفى، إذ لا يمكن تصور أن يقع حادثان داميان فى أسبوع واحد، وهى سابقة لم تحدث مع أى وزير للنقل والمواصلات، ودلالتها المخيفة أن أحدا لم يعتبر أو يستوعب، أو بالأحرى لم يهتم بدرس قطارى الفيوم.. ومن هنا لابد من محاكمة للوزير المسئول، ومحاسبة لرئيس الحكومة.

إن مصر تعيش مرحلة شديدة الخطورة، بين خطر يتربص بها من الخارج، وأخطار وأخطاء تفتك بها بالداخل، ولا يعقل أن تواجه دولة هذه الحالة وهو بلا مؤسسات، فلا دستور ينظم علاقة الحكام بالمحكومين بها، ولا برلمان يمثل الشعب ويراقب أداء السلطة التنفيذية، وليس معنى ذلك أن الحل كما يريد الدكتور عصام العريان القيادى بحزب الحرية والعدالة هو عودة برلمان منحل أو منعدم بحكم قضائى، بل يبدأ الحل من ارتفاع تيار الأغلبية إلى مستوى المسئولية، والكف عن هذا العبث الدائر فى عملية وضع الدستور، بحيث تنجز مصر دستورا يليق بها، ويعقب ذلك إجراء انتخابات برلمانية، تأتى لمصر بمجلس شعب محترم.

وتبقى الإشارة إلى هذا الاستثمار السياسى لدماء الشهداء فى أسيوط وغزة، والذى بلغ حدا يبتعد بجميع الأطراف (الاستثمارية) عن أبسط المبادئ الأخلاقية والإنسانية، خصوصا من أولئك الذين يستغلون الكارثة للطعن فى نبل الموقف المصرى المحترم من العدوان الصهيونى على الأشقاء الفلسطينيين.

رحم الله شهداءنا فى غزة وأسيوط.. حمى مصر من المتاجرين بالدماء الطاهرة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق