كان من الممكن لمصر أن توفر على نفسها ملايين الأطنان من الكلام وتقلص مساحات الاستقطاب والاشتباك والتلاسن، لو أن جسور الحوار كانت قد امتدت مبكرا بين رئيس الجمهورية المنتخب وبين منافسيه الذين جاءوا بعده فى الترتيب بخطوات محدودة للغاية.
وما كان أغنانا عن هذا التناحر والانتحار والانتحاب اليومى على التوافق الغائب والشراكة الوطنية المغيبة، لو أنه تم الاستماع لتصورات البرادعى وأبوالفتوح وموسى وصباحى لكيفية الخروج من عديد من المنعطفات الحادة التى تمر بها البلاد منذ انتخاب الدكتور مرسى، وكلهم لديه من الخبرات السياسية والمجتمعية ما يفيد الأداء السياسى، ويخفف كثيرا من حالة الاحتقان التى تهدد مصر بفقدان القدرة على الكلام المفهوم وتلقى بها فى جحيم من الصراخ والصياح.
إن كلا من هؤلاء يمثل قطاعا كبيرا من الجماهير، ولديه من الجدارة والمصداقية بين ملايين المصريين ما يجعل الإفادة من أفكاره ورؤاه للحل شيئا ضروريا ومهما، ليس فقط من أجل الارتفاع بمستوى الأداء، وإنما وقبل ذلك التغلب على الخشونة وعنف الاحتكاك الحاصل الآن بين تيارات متنوعة من الشعب المصرى، كاد يصل فى بعض الأحيان إلى صدامات كارثية.
وعلى الرغم من تأخر هذه الخطوة إلا أنها تبقى مهمة وضرورية، خصوصا مع بلوغ التطاحن المجتمعى حول الدستور (الجمعية التأسيسية والمسودات) ذروته، ومن هنا فإن حجم التوقعات من هذه اللقاءات كبير للغاية، والمرجو ألا تكون مجرد لقطات فوتوغرافية وجلسات تنتج كلاما يضاف إلى المخزون الهائل من الكلام المكدس فى مخازن السفسطة الوطنية.
وفى ذلك تلقيت على بريدى الالكترونى اقتراحا وجيها من قارئ متابع للمشهد المصرى بمنتهى الوعى والاهتمام وضع له عنوانا «نصيحة للسيد الرئيس» ويحمل توقيع مواطن اسمه «يوسف» ويقول فيه ما يلى:
بصرف النظر عن توقعاتى لمثل هذه اللقاءات أتمنى أن يفعل الرئيس الآتى:
يقدم ورقة لكل من هؤلاء يكتبها بخط يده يجيب فيها عن هذه الأسئلة؛ على أن يكون معلوما للجميع أنها للنشر بمجرد انتهاء اللقاء وليست سرية.
ـ ما هى القرارات الرئاسية الخمسة التى تريد أن يتخذها الرئيس اليوم؟
ـ أذكر أسماء خمسة مواطنين مصريين ترى أنهم فى مناصب لا يستحقونها وتريد من الرئيس عزلهم.
ـ أذكر أسماء خمسة مواطنين مصريين ترى أنهم لم يأخذوا مكانهم المناسب فى الدولة.
ـ أذكر المواد الخمس فى مسودة الدستور التى تريد أن تعدلها وما هو تعديلك المقترح لها.
ـ أكتب مشروعا لخمسة قوانين تريد أن تراها اليوم.
ـ أكتب خمسة مشاريع ترى أنه يتحتم البدء فيها اليوم.
أما الدردشة ومطالبتهم لك بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وجعل مصر قوة إقليمية ودولية عظمى فهو تسجيل مواقف لخداع المواطن دون حمل مسئولية.
انتهت سطور النصيحة ويبقى سؤال: هل تأتى هذه اللقاءات على مستوى توقعات الجماهير منها؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق