فى محل الملابس أمسكَ بقميص وتوجَّه إلى البائع: صباح الخير. صباح النور.. تحت أمرك. شكراً.. أتسمح ببعض الأسئلة؟ بكل سرور.. تفضل يا سيدى! هل صُنع هذا القميص بآلات حديثة أم قديمة؟ لا أعلم يا سيدى.. هل به عيب؟ لا تجب السؤال بسؤال.. هل هو فى المدينة أم فى منطقة صناعية؟ من تقصد يا سيدى؟ أسئلتك كثيرة.. أقصد المصنع طبعاً! لا أعلم يا سيدى! كم استغرق من الوقت؟ المصنع أم القميص؟ القميص طبعاً يا جاهل! آسف يا سيدى.. ولكنى أستميحك عذراً ألا تسبنى، فأنا هنا فى خدمتك، ولكن عقد عملى ينص على احترام كرامتى. أنت كثير الكلام.. آخر سؤال: أهو قميص جيد؟ سيدى.. أرجوك.. لا تحملنى فوق طاقتى.. القميص بين يديك الآن.. يمكنك تفحصه كما شئت، بل وهناك غرفة للقياس للتأكد من مقاسه ومشاهدته على جسدك الكريم، إن شئت طبعاً.. كما أن سياسة المحل تسمح برده خلال أسبوعين من تاريخ الشراء إذا ظهر به عيب فى الخامة أو الصناعة، والأمر فى النهاية لك يا سيدى!
حوار تخيلى أستعين به فى الرد على من يحاسبوننى على الاستمرار فى الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور التى تحملت الكثير حتى تنهى عملها وتمهد الطريق لتأسيس دولة القانون.
الدستور بين أيديكم الآن وفى صيغته النهائية التى تعكس جهد مجموعة من المواطنين المصريين الذين كلفهم الشعب بهذه المهمة من خلال مسار ديمقراطى فقد الاختلاف حوله معناه.
هناك قميص.. أقصد «دستوراً» بين أيديكم، وقريباً يتاح لكل مصرى أن يمارس حقه الشرعى الأول المنصوص عليه فى كل دساتير العالم، وهو المشاركة فى قرارات الأمة المصيرية بالتصويت الحر المباشر بمساواة كاملة ودون تمييز على الإطلاق، اللهم إلا من حُرموا من مباشرة حقوقهم السياسية بأحكام قضائية صادرة قبل تاريخ الاستفتاء.
قرأت هذا الجزء من المقال لابنتى، فنبهتنى إلى أن مثال القميص يعتبر اعترافاً منى بأننا «ترزية»، فقلت لها: بالفعل قمنا بدور الترزى، وهو عمل شريف فى كل الأحوال.. قديماً كنا نهاجم رجال مبارك بأنهم ترزية قوانين! نحن أيضاً ترزية، ولكننا نزعم أننا حاولنا أن نفصّل قميصاً يتسع لكل مصرى.
أهى حقاً أزمة دستور؟ إجابتى: إنها أزمة ثقافة، لا أكثر ولا أقل! مصر بحاجة لمشروع ثقافى كبير يعالج قضايانا ومشكلاتنا الفكرية الأساسية. فى مقدمة هذه المشكلات يأتى الغرور: لقد أصبح هناك جانبان متقابلان يتربص كل منهما بالآخر، ويتعالى عليه، فينعته بأسوأ الصفات.. خطأ آخر يشترك فيه الجميع، وهو التوهم أن الدستور هو نهاية المطاف، وأنه يغلق كافة الملفات، ويضع حداً لحالة الحوار التى لا تُرصد إلا جوانبها السلبية.. مع أنها أفضل ركائز الديمقراطية التى تقوم على تفوق الفكر الجمعى على الفردى.
سيقرر الشعب رفض الدستور أو قبوله، وسيستمر الحوار بشأن مواده التى يمكن تغييرها أو تغيير بعضها فى حالتَى القبول أو الرفض.
يجب أن يؤمن الجميع بأننا لسنا بصدد الإعلان عن نصر زائف لفريق على فريق آخر.. أكره أن يُحقّر مواطن من مواطن آخر لأى سبب من الأسباب، فإن هذه المشاعر ستزيد الفجوة الثقافية بيننا وتعمق مشاكلنا.
الثقافة هى الحل، وهى شغلى الشاغل حتى تؤتى ثمارها المتمثلة أساساً فى تصحيح المفاهيم.. حينها سنتأكد أن الأزمة ليست أزمة دستور.
حوار تخيلى أستعين به فى الرد على من يحاسبوننى على الاستمرار فى الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور التى تحملت الكثير حتى تنهى عملها وتمهد الطريق لتأسيس دولة القانون.
الدستور بين أيديكم الآن وفى صيغته النهائية التى تعكس جهد مجموعة من المواطنين المصريين الذين كلفهم الشعب بهذه المهمة من خلال مسار ديمقراطى فقد الاختلاف حوله معناه.
هناك قميص.. أقصد «دستوراً» بين أيديكم، وقريباً يتاح لكل مصرى أن يمارس حقه الشرعى الأول المنصوص عليه فى كل دساتير العالم، وهو المشاركة فى قرارات الأمة المصيرية بالتصويت الحر المباشر بمساواة كاملة ودون تمييز على الإطلاق، اللهم إلا من حُرموا من مباشرة حقوقهم السياسية بأحكام قضائية صادرة قبل تاريخ الاستفتاء.
قرأت هذا الجزء من المقال لابنتى، فنبهتنى إلى أن مثال القميص يعتبر اعترافاً منى بأننا «ترزية»، فقلت لها: بالفعل قمنا بدور الترزى، وهو عمل شريف فى كل الأحوال.. قديماً كنا نهاجم رجال مبارك بأنهم ترزية قوانين! نحن أيضاً ترزية، ولكننا نزعم أننا حاولنا أن نفصّل قميصاً يتسع لكل مصرى.
أهى حقاً أزمة دستور؟ إجابتى: إنها أزمة ثقافة، لا أكثر ولا أقل! مصر بحاجة لمشروع ثقافى كبير يعالج قضايانا ومشكلاتنا الفكرية الأساسية. فى مقدمة هذه المشكلات يأتى الغرور: لقد أصبح هناك جانبان متقابلان يتربص كل منهما بالآخر، ويتعالى عليه، فينعته بأسوأ الصفات.. خطأ آخر يشترك فيه الجميع، وهو التوهم أن الدستور هو نهاية المطاف، وأنه يغلق كافة الملفات، ويضع حداً لحالة الحوار التى لا تُرصد إلا جوانبها السلبية.. مع أنها أفضل ركائز الديمقراطية التى تقوم على تفوق الفكر الجمعى على الفردى.
سيقرر الشعب رفض الدستور أو قبوله، وسيستمر الحوار بشأن مواده التى يمكن تغييرها أو تغيير بعضها فى حالتَى القبول أو الرفض.
يجب أن يؤمن الجميع بأننا لسنا بصدد الإعلان عن نصر زائف لفريق على فريق آخر.. أكره أن يُحقّر مواطن من مواطن آخر لأى سبب من الأسباب، فإن هذه المشاعر ستزيد الفجوة الثقافية بيننا وتعمق مشاكلنا.
الثقافة هى الحل، وهى شغلى الشاغل حتى تؤتى ثمارها المتمثلة أساساً فى تصحيح المفاهيم.. حينها سنتأكد أن الأزمة ليست أزمة دستور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق