5‏/12‏/2012

أحمد منصور يكتب : هزيمة الزند وشركاه

أكمل المقال

 جاء قرار المجلس الأعلى للقضاء، والجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة، وقضاة من أجل مصر، بالمشاركة فى الإشراف القضائى على الاستفتاء على الدستور المصرى الجديد، الذى دعا إليه الرئيس محمد مرسى فى الخامس عشر من ديسمبر الحالى، ليوجه ضربة قاصمة إلى المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، وشركاه، الذين أعلنوا أن القضاة لن يشاركوا فى الإشراف على الاستفتاء، والزند معروف بعلاقاته الوثيقة بالنظام السابق، بل إن بعض المصادر تشير إلى علاقته المميزة بالمرشح السابق المطلوب القبض عليه والهارب فى الإمارات، أحمد شفيق، التى لم ينكرها الزند، حتى إن هناك معلومات نطالب الزند أن يوضحها من أن أحمد شفيق قد وعده بمنصب نائب الرئيس إذا نجح فى الانتخابات وهذا سر العداوة الشديدة والتشنج الذى يظهر به الزند دائماً فى مواجهة الحكومة القائمة والرئيس محمد مرسى، الذى أضاع نجاحه على الزند هذه الفرصة التاريخية.

لقد حول المستشار الزند نادى القضاة من نادٍ اجتماعى يراعى شئون القضاة الاجتماعية إلى حزب سياسى يتدخل فى كل شئون الحياة العامة ويوجه القضاة لاتخاذ مواقف سياسية مناوئة للنظام القائم، ما يعنى أن حياد القاضى وضميره فى خطر عظيم، واعتقد الزند أن جموع القضاة تسير فى ركابه، حتى إنه تجاوز المجلس الأعلى للقضاء، وهو الجهة الرسمية التى تحمى شئون القضاة وأوضاعهم الوظيفية والقانونية والتراتبية فى الدولة، وقد جاء قرار المجلس الأعلى للقضاء مع المجالس القضائية الأخرى، وعلى رأسها مجلس الدولة، ليضع قضاة مصر الشرفاء أمام مسئوليتهم التاريخية والمهنية التى أقرها الدستور الجديد، فعدد أعضاء الهيئات القضائية فى مصر نحو اثنين وعشرين ألفاً، والإشراف على الدستور يحتاج إلى نحو تسعة آلاف قاضٍ، والعدد الذى تقدم بالموافقة على الإشراف على الاستفتاء على الدستور ربما يقترب من عشرين ألفاً؛ لأن العدد الحقيقى للمعارضين المتوافقين مع المستشار الزند لا يزيد فى كثير من التقديرات عن ألفى قاضٍ، ومن ثم فإنه لا خطورة ولا صعوبة على الإطلاق فى إجراء الاستفتاء الدستورى فى موعده بإشراف قضائى كامل، كما أن الخاسر هو من سيتخلى عن دوره فى هذه اللحطة ويخرج من صناعة التاريخ التى تنقش الآن بحروف من نور من رجال مخلصين قرروا أن يتجاوزوا كل الترهات القائمة وأن يتحملوا مسئولياتهم بدءاً من وضع الدستور ومناقشته وشرحه وتقديمه ببساطة ووضوح إلى الشعب المصرى، بل وإلى شعوب العالم، وحتى التصويت عليه وإقراره، ومما علمته أن التصويت على الدستور وإقراره يعنى، وفق البنود الخاصة بالمحكمة الدستورية العليا، تخفيض أعداد القضاة إلى أحد عشر قاضياً، ما يعنى أن القضاة من أعضاء المحكمة، الذين كانوا يجهرون بآرائهم فى وسائل الإعلام المعادية لهذا الطرف أو المنحازة لذاك، سوف ينتهى انتدابهم مثل المستشارة تهانى الجبالى، التى ستعود إلى عملها كمحامية فى الإدارة القانونية فى جامعة طنطا، والمستشار حاتم بجاتو وغيرهما، وربما هذا يساعد المحكمة على أن تضطلع بدورها الحقيقى فى تفسير القوانين التى يختلف حولها المتخاصمون فى ظل الدستور الجديد بدلاً من استعراض قضاتها كل صباح ومساء فى وسائل الإعلام.

إن أهم ما فى دستور مصر الجديد أنه يوازن بين السلطات الثلاث ويجعلها حقيقية ولا تتجاوز سلطة على أخرى، كما أنه قلص صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح رئيس مجلس الوزراء، وأهم ما فى الأمر أن القضاة سيعودون أدراجهم ليؤدوا عملهم باحتراف بعيداً عن أهواء السياسة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق