20‏/12‏/2012

مصر بعد الأزمة - فراج إسماعيل

أكمل المقال

لم أعد أنزعج من الحالة المصرية كانفلات الألسنة واستخدام البلطجة لفرض أراء أو قرارات بعينها، ليس لأنني أصبحت مدمنًا لها أو مستخفًا بما يحدث بعد ما كنت مرعوبًا من نتائجه، ولكن لأن مصر عبرت بالفعل أصعب أزماتها السياسية في ظل ديمقراطيتها الجديدة.
ما حدث خلال الأسابيع الماضية كانت أزمة طاحنة لم نرها في تاريخنا المعاصر بعد ثورة 1952 لأن الدولة أيامها كانت هي الرئيس، والرئيس هو الدولة، وعصاه الأمنية جاهزة للانقضاض.
حدث أقل منه قبل تلك الثورة في العصر الملكي الذي كان يوصف بالليبرالي، وكانت نتائجه باهظة التكلفة انتهت باستيلاء الجيش على السلطة وخلع الملك فاروق.
توقع البعض سقوط مرسي لدرجة أنهم تحدثوا عن هروبه من القصر الجمهوري إلى مكان غير معلوم، وتبادل معارضوه التهاني عبر القنوات الفضائية. الحقيقة أنه تعامل مع الأزمة العنيفة برباطة جأش يحسد عليها وخرجت منها الديمقراطية الوليدة منتصرة وأكثر نضجا، فلا الجيش تدخل كما كانت أمانيهم، ولا مرسي وأسرته هربوا ولاذوا بالفرار إلى قطر كما حلموا.
الديمقراطية المصرية انتصرت في النهاية وحافظت على وجودها، والحشود الغاضبة بدأت تتلاشى، والقوى المعارضة تفتت وتنازلت عن طموحاتها الكبيرة في خلعه، بل بدأت تتبرأ من ذلك الهدف.
انتصار الديمقراطية على تلك الأزمة هو انتصار للمعارضة السياسية قبل أن تكون انتصارًا لمرسي، وهو ما ينبغي أن تدركه إذا أرادت أن تستمر وتصوب معارضتها بمعزل عن تغريدات البرادعي على تويتر.
جميعنا نتمنى لها أن تكون معارضة فاعلة داخل النظام الديمقراطي الذي ينمو ويخرج قويًا من الأزمة السياسية الطاحنة. نتمنى لها أن تلعب في ملعب الصناديق وتتفوق بتقديم نفسها بالأسلوب المتعارف عليه في النظم السياسية الانتخابية متخلية عن التثوير والحشد الملاييني ودعوات النزول للشوارع.
الآن ونحن على مسافة ساعات من المرحلة الثانية للاستفتاء على مشروع الدستور، نستطيع أن نفخر بانتصار تجربتنا الديمقراطية على أزمتنا السياسية التي انتشر على نطاق واسع أنها ستجرنا إلى حرب أهلية.
يوم السبت الماضي أثبتنا أننا شعب كبير وفاهم وعظيم بكل أطيافه.. وتلك هي حلاوة مصر، ويوم السبت القادم سيتواصل المشهد إن شاء الله..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق